التحفة الندية شرح العقيدة الواسطية
الناشر
مركز النخب العلمية-القصيم
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م.
مكان النشر
بريدة
تصانيف
الجواب: أن الأصل في الآيات التي يأتي فيها ذكر الوجه أن المراد من ذلك وجه الله تعالى كما في قوله: ﴿يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ [الأنعام:٥٢]، وكما في ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ [الليل:٢٠]. فالأصل أن المراد بالوجه المضافِ إلى الله هو وجه الله الذي هو صفة من صفاته.
ولكن اختلف المفسرون في آية البقرة؛ وهي قوله تعالى: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة:١١٥] هل المراد بذلك وجه الله أو المراد الجهة؟ فقال جماعة من المفسرين: إن الوجه هنا الجهة؛ لقوله: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾ [البقرة:١٤٨]، فالمراد بالوجه الجهة، فيكون المراد على قولهم: أينما تولوا فثم جهة الله، والذي رجَّحه جماعة من أهل التحقيق ومنهم شيخنا ابن عثيمين: أن المراد بالوجه هنا الوجه الحقيقي لله سبحانه، فيكون المعنى: إلى أي جهة تتوجهون فثم وجه الله، والله محيط بكل شيء، ومما يدل على ذلك ما جاء في البخاري ومسلم من حديث ابن عمر ﵁ أن النبي ﷺ قال: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» (^١).
وهنا إشكال: وهو أننا عرفنا مذهب الحلولية الذين يقولون: إن الله حالٌّ في كل مكان، فهل لقائل أن يقول: إن هذا القول موافق لمذهب الحلولية؟
والجواب: ليس كذلك، وسبق الكلام على مسألة العلو، وأن الله لا يقاس
(^١) صحيح البخاري (١/ ٩٠) رقم (٤٠٦)، وصحيح مسلم (١/ ٣٨٨) رقم (٥٤٧).
1 / 110